حديث عن الكذب

حديث عن الكذب
حديث-عن-الكذب/

حديث: ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة

ما الذي يجب على المسلم إذا تعمّد الكذب؟


متن الحديث

عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما كان خُلُقٌ أبغضَ إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مِن الكذبِ ولقد كان الرَّجُلُ يكذِبُ عنده الكِذبةَ فما تزالُ في نفسِه حتَّى يعلَمَ أنَّه قد أحدَث منها توبةً".[١]


شرح الحديث

يُبيّن الحديث السابق بُغض الكذب إلى نفس رسول الله صلّى اله عليه وسلّم، وذلك إنّ الرجل كان يكذب أمامه الكذبة فيظل في نفسه شيءٌ عليه من هذه الكذبة، حتّى يعلم أنّه قد تاب إلى الله تعالى فتطيب نفسه، فالصدق وترك الكذب هو خُلقٌ رفيع ربّى عليه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه ونشره في أمّته.[٢]


حديث: ويلٌ للذي يحدّث فيكذب ليضحك به القوم

هل يجوز الكذب بقصد المزاح والضحك؟


متن الحديث

عن معاوية بن حيدة القشيري أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "وَيلٌ للذي يُحَدِّثُ فيَكذِبُ ليُضحِكَ به القَومَ، وَيلٌ له، وَيلٌ له".[٣]


شرح الحديث

يتوعّد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالويل لمن يكذب بالحديث بقصد إضحاك المستمعين، فالكذب مذموم سواءٌ كان لإضحاك الناس أم لغير إضحاكهم، وقيل إنّ الضحك مذموم فزاد هذا الكذب تحريمًا ولذلك كرّر رسول الله كلمة الويل ثلاث مرّات،[٤] وفي التعبير بهذه الكلمة وتكرارها تحذير من الكذب وتشديد في أمره، فالإنسان في هذه الحالة يتعمّد الكذب ويُخبر الناس بما يعلم أنّه ليس صدقًا وغير صحيحًا، والكذب هو الكذب حتّى وإن كان بقصد التسلية ونحوها.[٥]


حديث: إنَّ الكذب يهدي إلى الفجور

ما هو الفجور وإلى ماذا يوصل صاحبه؟


متن الحديث

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلى البِرِّ، وإنَّ البِرَّ يَهْدِي إلى الجَنَّةِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حتَّى يُكْتَبَ صِدِّيقًا، وإنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلى النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حتَّى يُكْتَبَ كَذّابًا".[٦]


شرح الحديث

إنّ معنى الحديث السابق أنّ الصدق يهدي الإنسان إلى البر بالأعمال الصالحة الطيّبة الخالية من الآثام، والبر هو اسمٌ جامع لجميع ألوان الخير، وقيل إنّ البر هو الجنة، ولكن على المعنى الأول فإنّ البر هو طريق الوصول إلى الجنة والمُرشد إليها، أمّا الكذب فإنّه يوصل صاحبه إلى الفجور، وأصل الفجور في اللغة: الميل عن القصد، وقيل هو: الانبعاث في المعاصي والاستغراق فيها، وبسببه يصل الإنسان إلى النار ويستحقّها، واستمرار المرء بالكذب يجعل صفة الكذب لصيقةً بها حتّى يُكتب كذّابًا.[٧]


حديث: فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق

ما هي عقوبة قول الكذب ونشره في الآخرة؟


متن الحديث

أورد البخاري في صحيحه عن سمُرة بن جندب -رضي الله عنه- حديثًا طويلًا يتكلّم فيها رسول الله عن رؤية رأها في منامه، وفيها ألوان من العذاب، ومنها: "أَمَّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قَفَاهُ، ومَنْخِرُهُ إلى قَفَاهُ، وعَيْنُهُ إلى قَفَاهُ، فإنَّه الرَّجُلُ يَغْدُو مِن بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ".[٨]


شرح الحديث

إنّ الحديث السابق يتعلّق ببداية الرؤية، وهي: "يَأْتي أحَدَ شِقَّيْ وجْهِهِ فيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إلى قَفاهُ، ومَنْخِرَهُ إلى قَفاهُ، وعَيْنَهُ إلى قَفاهُ، - قالَ: ورُبَّما قالَ أبو رَجاءٍ: فَيَشُقُّ - قالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلى الجانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ به مِثْلَ ما فَعَلَ بالجانِبِ الأوَّلِ، فَما يَفْرُغُ مِن ذلكَ الجانِبِ حتَّى يَصِحَّ ذلكَ الجانِبُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليه فَيَفْعَلُ مِثْلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولَى"،[٨] والمقصود نوع من العذاب وهو أنّه يُؤتى إلى أحد جانبي وجهه فيُنزع شدقه ويُعاد إلى مؤخر عنقه وكذا يُفعل بنخاره وعينه، ثمَّ يُفعل ذلك بالجانب الآخر من الوجه، ويستمر هذا العذاب على هذا النحو.[٩]


وقد قال ابن العربي إنّ شرشرة شدقي الكاذب، من باب إنزال العقوبة بمحل المعصية ومكانها، فالكاذب يستخدم فمه للنطق بالكذب، وهكذا تكون العقوبات في الآخرة وليست كما هي في الدنيا،[٩] وهذه العقوبة المستحقّة للإنسان الذي يخرج من بيته ويُحدّث بالكذب والكلام المنافي للصواب، ويستوي فيه الرجل والمرأة وذكر الرجل هنا من باب الغالب، ومعنى الآفاق أي النواحي، وهذا دليل على شيوع هذه الكذبة وانتشارها.[١٠]


حديث: كفى بالمرء كذبًا أنْ يحدّث بكلِ ما سمع

لماذا يجب على الإنسان أن يتأكد من صحّة الخبر قبل نشره؟


متن الحديث

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بكُلِّ ما سَمِعَ".[١١]


شرح الحديث

إنّ في الحديث دلالة على وجوب التثّبت والتحرّي عند سماع الأخبار، وأن لا يحكي الإنسان كلّ ما يسمعه، وذلك لأنّ الكثير من الكلام الذي يُقال قد يكون كذبًا، وإذا أخبر السامع بجميع ما يسمعه فسيُخبر بالكذب لا محالة، والكذب هو: الإخبار عن الشيء على غير ما هو عليه، ولكنّ العبد لا يأثم إلّا إذا تعمّد الكذب، إلّا أنّه ينبغي له التحرّي والتأكد حتّى لا ينقل الكذب دون أن يدري.[١٢]


حديث: أربع من كنّ فيه كان منافقًا خالصًا

ما هي الخصال التي تجعل صاحبها يوصف بالنفاق؟


متن الحديث

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَن كَانَتْ فيه خَلَّةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَلَّةٌ مِن نِفَاقٍ حتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ".[١٣]


شرح الحديث

المقصود بالحديث السابق أنّ أربع خصال وصفات إذا كانت فيه دلت على أنّه منافق خالص، والمقصود هنا نفاق العمل، أمّا من كانت فيه خصلة واحدة منهنّ فيكون فيه خصلة من النفاق حتّى يتركها، وهذه الخصال هي: خيانة الأمانة، الكذب في الحديث، الغدر بالعهد، والفجور بالخصومة ويكون ذلك بالأيمان الكاذبة والدعاوى الباطلة.[١٤]


المراجع[+]

  1. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5736، حديث أخرجه في صحيحه.
  2. جامعة المدينة العالمية، كتاب الحديث الموضوعي، صفحة 317. بتصرّف.
  3. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن معاوية بن حيدة القشيري، الصفحة أو الرقم:4990، حديث سكت عنه وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح.
  4. الصنعاني، كتاب التنوير شرح الجامع الصغير، صفحة 48. بتصرّف.
  5. عبد المحسن العباد، كتاب شرح سنن أبي داود للعباد، صفحة 22. بتصرّف.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:2607، حديث صحيح.
  7. القاضي عياض، كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم، صفحة 82. بتصرّف.
  8. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سمرة بن جندب، الصفحة أو الرقم:7047، حديث صحيح.
  9. ^ أ ب ابن علان، كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، صفحة 377. بتصرّف.
  10. ابن علان، كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، صفحة 381. بتصرّف.
  11. رواه مسلم، في مقدمة صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:5، حديث أورده مسلم في مقدمة الصحيح.
  12. المناوي، كتاب فيض القدير، صفحة 2. بتصرّف.
  13. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:65، حديث صحيح.
  14. ابن علان، كتاب دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين، صفحة 373. بتصرّف.