محتويات
ماذا تفعل في وقت فراغك؟
الفراغ سلاحٌ ذو حدّين، فهو إمّا نعمة وإما نقمة، لهذا فإن وقت الفراغ إذا تمّ استغلاله بالشكل الصحيح فإنه يعود بالنفع الكبير على صاحبه، ولهذا فإنني في وقت فراغي أحاول دومًا أن أفعل كل ما هو مفيد لي ولمستقبلي ويُساعدني في تحقيق أهدافي وطموحاتي، ومن أهم ما أحب فعله في وقت فراغي هو القراءة، إذ إنّ قراءة الكتب تأخذني إلى عالمٍ من الجمال، وأشعر بأنني سافرت وأنا أجلس في مكاني.
كذلك أمارس هواية الكتابة، إذ أكتب خواطري وما يجول في قلبي من كلمات، وعندما أعود لأقرأها أشعر بأن الدنيا يمكن اختصار مشاعري فيها ببضعة كلمات تعبر عني، لهذا فإنّ أجمل ما يمكنني فعله في وقت فراغي أن أمارس هواياتي التي أحبها، لهذا فالفراغ نعمة يُحسد عليه الإنسان وعليه أن يستثمرها لصالحه.
عندما يستغلّ الإنسان وقت فراغه بشكلٍ صحيح سيجد نفسه وقد حقق الكثير من الإبداع خلال فترة قصيرة، أما الأشخاص الذين يمضونه دون فعل أي شيء مفيد فإنما يخسرون الكثير من الوقت الذي لن يعود إليهم أبدًا، لهذا على الإنسان أن يحرص على استغلال الفراغ بالعمل المفيد، وألّا ينجرف في فعل أشياء ضارة لجسده ونفسه وصحته، فالفراغ فسحة رائعة للإنسان حتى يتفكر بالكثير من شؤون الحياة ويُحاول أن يكون أكثر اطلاعًا ومعرفة وثقافة.
وهو فرصة ليجد الإنسان متسعًا لعقله وأعصابه، وأن يرتاح من أعباء العمل والمسؤوليات ويجدد الشغف في قلبه ويطرد الطاقة السلبية التي تتراكم في أوقات العمل، ويشحن نفسه بالطاقة الإيجابية التي تجعله يعود إلى عمله أو دراسته وهو بكامل حماسة وقوته، فيتحسن إقباله على العمل بشكلٍ كبير.
وقت الفراغ يمنح الإنسان فرصة حتى يُفكّر في حياته الماضية والمقبلة ويستنتج منها العبرة، ويُحاول أن يعرف أخطاءه ويُصلحها، كما يُساعد الإنسان في رؤية أقاربه وأصدقائه وتعزيز روابط المحبة معهم، وفي الوقت نفسه يُساعده في التعرف على أشخاص جدد، كما يعطي وقت الفراغ الإنسان فرصة لتقوية صلة الرحم والجلوس مع أهله وأبنائه والتعرف على متطلباتهم واحتياجاتهم، ويُشجعه على قضاء وقت جميل والسفر أو الذهاب في رحلات ترفيهية يرفه فيها عن نفسه، وأنا بدوري أمارس كل هذه الأشياء في كل وقت فراغ يتوفر لي وأستغله أحسن استغلال.
أفكار إبداعية لاستثمار وقت الفراغ
إذا كان الإنسان واعيًا بقيمة أوقات الفراغ لا بدّ وأن يحاول تطبيق العديد من الأفكار الإبداعية فيه، ومن أهم هذه الأفكار أن يركز على موهبة ويحاول صقلها واكتساب الخبرة فيها كي يصل فيها إلى درجة الإبداع، ويعرفها من جميع جوانبها، كما يمكن أن يستغلّ الإنسان أوقات فراغه بتنمية مهاراته اليدوية واكتساب حرفة جديدة تُساعده على كسب الرزق ومن بين هذه الحرف: التطريز والتجميل والخياطة وممارسة أعمال البناء وغيرها، كما يمكن ممارسة أعمال الزراعة المختلفة وزرع الورود وتكثيرها، ومحاولة إنتاج أشتال زراعية وبيعها وجني الأرباح منها، كما يمكن الالتحاق بدورات تدريبية لأشياء مختلفة لتنمية الهوايات أو اكتساب خبرات جديدة.
من الأفكار الرائعة لاستغلال أوقات الفراغ محاولة تعلُّم لغة جديدة، وحضور العديد من المقاطع المصورة أو الدورات التي تعلم اللغات المختلفة للأشخاص، ممّا يساعد في اكتساب لغة جديدة وإغناء السيرة الذاتية للشخص، كما يُمكن الالتحاق بأحد النوادي الرياضية واكتساب جسم رياضي جميل ورشيق ومتناسق، أو يُمكن ممارسة هواية التصوير والذهاب إلى المناطق الطبيعية للاطلاع عليها ورؤية هذه المناظر والاستمتاع بها وتصويرها ونشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخذ ردود فعل جديدة.
أو يمكن تأسيس جمعيات ثقافية وحضور ندوات وأمسيات شعرية وأدبية والذهاب إلى معارض رسم، أو تعلم فنون جديدة وتطويرها، ويمكن استغلال وقت الفراغ بالاشتراك بالمسابقات الثقافية أو العلمية أو الرياضية، واستغلال الوقت في التدرب عليها ومعرفة الطريقة اللازمة للفوز فيها.
سلبيات وقت الفراغ
يُمكن أن يترك وقت الفراغ في نفس الإنسان الكثير من السلبيات ويُسبّب له الشعور الكبير بالملل، والملل قد يؤدي إلى انعدامية الإنتاج والتراخي عن عمل أي إنجاز، وهذا بدوره يعطي شعورًا سلبيًا قد يطول كثيرًا، كما يكون وقت الفراغ في كثير من الأحيان سببًا في خلق حالة من العصبية لدى الشخص ويشعر أن وقته يذهب هدرًا، وهذا يجعله يشعر بأنه شخص غير مهم ولا يقوم بدورٍ جوهري في الحياة.
كما يُمكن أن يُسبّب وقت الفراغ لجوء الشخص إلى النوم لساعات كثيرة، وهذا يؤثر سلبًا على صحته وحالته النفسية، وفي كثير من الأحيان يُسبب وقت الفراغ للإنسان حالة نفسية صعبة تجعله ينعزل اجتماعيًا ولا يفكر في رؤية الناس أو التفاعل معهم، ويكره الانخراط في أنشطة المجتمع أو ممارسة أي شيء مفيد.
من سلبيّات وقت الفراغ خلق حالة من العشوائية وعدم النظام في حياة الإنسان، على عكس العمل الذي يجعل الحياة منظمة وتسير وفق خطة معينة، أما الفراغ يسبب العشوائية وعدم الالتزام أو الانضباط، كما يمكن أن يجعل الإنسان يتصرف بالمال بطريقة غير مدروسة ويصرف الكثير منه دون أن يدرك ذلك، كما يمكن أن يلجأ الإنسان في وقت الفراغ إلى المشي مع رفاق السوء والقيام بالعديد من الأعمال التي تكون بلا فائدة، أو يمكن أن يدفع الفراغ الإنسان إلى إدمان مشاهدة المسلسلات التلفزيونية أو الأفلام الهابطة التي لا تقدم أي فائدة له في سبيل قضاء الوقت وعدم الشعور بالفراغ.
يكون لوقت الفراغ سلبيات كثيرة إذا كان الإنسان يستغله في فعل أشياء ضارة أو يرهق نفسه في أمور غير صحيحة، كما أن بعض الأشخاص تتولد لديهم في ساعات الفراغ الرغبة في استرجاع الذكريات الحزينة التي مرت بهم فيُصيبهم التعب والكسل الكبير بدلًا من أن يرتاحوا في أوقات فراغهم.
كما يمكن أن يعتبر البعض وقت الفراغ وقتًا مهدورًا فيصيبهم الهم ويشعرون بالوحدة، خاصة أؤلئك الأشخاص الذين ليس لديهم أهداف محددة في حياتهم قد يدفعهم وقت الفراغ إلى القيام بتصرفات حمقاء وغير مدروسة نتيجة الملل الناتج عن فراغهم، فالفراغ إن لم يكن بهدف معين يُسبب الفساد، كما يمكن أن يدفع وجود وقت فراغ كبير لدى الشخص أن يتناول كميات كبيرة وغير محسوبة من الطعام، وهذا يُسبّب زيادة في الوزن بشكلٍ واضح، ممّا يؤدّي إلى شعور الشخص بالاكتئاب.
أهمية وقت الفراغ
تبرز أهمية وقت الفراغ في أنه يُساعد الإنسان في إعادة ترتيب نفسه والالتفات إليها وممارسة العديد من الأعمال التي لا يستطيع تنفيذها في غمرة حياته اليومية وانشغاله في تفاصيلها، وهذا يُساعده في زيادة قدرته على الإنجاز، كما يُساعده في قضاء وقت أكبر مع الأصدقاء وخاصة الأصدقاء القدامي الذين أخذتهم انشغالات الحياة، ويستطيع الإنسان من خلال الجلوس مع نفسه في وقت فراغه إعادة اكتشاف نقاط قوته ومحاولة إظهارها، ويُساعده على معرفة نقاط ضعفة ومعالجتها بأفضل الطرق، وبفضل وقت الفراغ تتوسع مدارك الإنسان ويُصبح شخصًا قارئًا ويملك هواية، ويستطيع أن يشعر بكمية من الفرح والسعادة تُعينه على تنفيذ أعماله دون أن يشعر بالتعب.
من أكثر ما يقدمه وقت الفراغ للإنسان هو استطاعته التفرغ لعبادة الله والقيام بالعديد من الأنشطة الدينية مثل الصلاة في وقتها والصيام والذهاب في رحلة عمرة أو زيارة، ويعطي وقت الفراغ الإنسان فرصة لقراءة القرآن الكريم بتمعُّن والسهر كما يشاء، ويعطيه أفقًا واسعًا في ممارسة أشياء كثيرة لم يكن يفعلها من قبل مثل: مراقبة غروب الشمس والاستمتاع بهذا المنظر الرائع، أو مراقبة الشروق أو الجلوس على شاطئ البحر أو سماع الموسيقى الجميلة، أو الذهاب للتسوق والجلوس مع الأطفال، وغير ذلك من الأعمال التي تحتاج إلى وقت فراغ وذهن صافي، لأن هذا الوقت يصفّي الذهن بشكلٍ كبير.
وقت الفراغ محسوبٌ من عمر الإنسان كوقت العمل تمامًا، لكن الفرق الحقيقي بينهما أنّ وقت الفراغ ملك للإنسان وليس لصاحب العمل أو للآخرين، لهذا يُتيح للإنسان أن يفعل ما يشاء ويؤدي ما تراكم عليه من أعمال، وهو مهم جدًا لصحته النفسية والعقلية والجسدية، كما يعطي للإنسان فرصة للتفكير بالمستقبل والتخطيط بطريقة أفضل ويجعله أقرب لنفسه وللآخرين وخاصة أهل بيته، ويتيح له ترتيب بيته كما يريد وبالشكل الذي يحلو له دون أن يكون مضطرًا لتبرير هذا الوقت المستقطع لأي شخص.
لهذا فإنّ وقت الفراغ مفيد لجميع الناس، ولا يستطيع أحد أن يقضي حياته في العمل دون أن يكون لديه أي فسحة للراحة أو المتعة أو ممارسة الأشياء التي يحبّها، لأن ضغط العمل يُسبّب الكثير من القلق والتوتر للإنسان.
لقراءة المزيد، انظر هنا: تعبير قصير عن الوقت.
