محتويات
الفرق بين الإنسان القديم والحديث
الكون هو العالم الكبير الّذي ينطوي بداخله العوالم الأخرى التي يتشكّل عبرها التاريخ الذي صنعه الإنسان منذ بدء الخليقة، ولعلّ جذورنا تقودنا نحو الماضي وتجعلنا نبني أبراجًا من التساؤلات على رأسها: ما هو الفرق بين الإنسان القديم والحديث؟.[١]
الإنسان القديم هو أوّل إنسان لامست خطواته الأرض منذ حوالي مليوني عامّ، حيث إنّه كان يعتمد على الصيد ليحصل على الطعام من أجل البقاء والاستمرار، ولعلّ الفرق بين الإنسان القديم والحديث يتجلّى في عدّة جوانب منها:[١]
من حيث السكن
اختار الإنسان القديم العيش في الأماكن الّتي توفّر له سبل المعيشة وتحميه من تقلّبات الجوّ والحيوانات المفترسة، ولعلّ الكهوف الحجريّة والخيام والأكواخ المصنوعة من العظام، والعصيّ، والأغصان كانت من أفضل الأماكن الّتي اختارها الإنسان القديم للسكن، ويا حبّذا لو كان مكان السكن قريبًا من الأنهار، والبحيرات الّتي تمثّل مكانًا مناسبًا للعيش.[٢]
أما بالنسبة للإنسان الحديث، فقد تغيّر الإسكان على مدى العقود الماضية من عدّة نواحٍ منها: الشكل والحجم والطريقة الإنشاء والموادّ المستخدمة؛ حيث يستخدم اليوم العديد من الموادّ الّتي سهّلت عمليّة البناء وطورتها بشكل واسع، كما أن التكنولوجيا أعطت للإنسان الحرّيّة في تجاوز الطبيعة وإنشاء مساكن بشريّة.[٣]
من حيث نمط المعيشة
لقد تغيّر نمط معيشة الإنسان عبر التاريخ وتطوّر العديد من جوانبه، وبالرغم من نمط معيشة الإنسان القديم وبساطتها إلا أنها تتميّز عن حياة الإنسان الحديث بصورة جلية، وفيما يأتي نذكر أهمّ جوانب عيش الإنسان القديم:[٤]
وكان الصيد هو الوسيلة الّتي اعتمد عليها الإنسان لتأمين غذائه، فقد كان يتنقّل من مكان لآخر للبحث عن المصادر الغذائيّة لأكلها، حيث إنّه كان يستقرّ في المنطقة الّتي يتوفّر فيها الغذاء والماء ويبني فيها الملاجئ.[٤]
كما أنّ الإنسان القديم كان يستفيد من نواتج الصيد لصناعة العديد من الأدوات الّتي تسهل عليه الحياة، فقد كان يستخدم جلود الحيوانات لصناعة ثيابه وسقف مسكنه، وأيضًا كان يستخدم قرون الفيلة والعظام لبناء الملاجئ الّتي كان يسكن فيها، وفي فصل الشتاء كان يلجأ الإنسان القديم إلى الكهوف لتحميه من الأجواء شديدة البرودة السائدة آنذاك.[٤]
وفي الفترات الّتي عقّبت العصر الحجريّ ومع انتهاء هذه الحقبة انقرض العديد من الحيوانات الّتي كانت تشكّل مصدرًا يعتمد عليه الإنسان في الصيد، ممّا دفعه للبحث عن طرائد جديدة، وأصبح يصطاد الأسماك والكائنات البحريّة، والحيوانات البرّيّة مثل الأبقار والخنازير.[٤]
الثياب
إنّ الثياب هي الحرز الّذي يغطّي جسد البشر ويحميه من العوامل الخارجيّة، في الماضي كان الناس يرتدون ملابس بسيطة مصنوعة من الأوراق الأشجار الكبيرة والجافّة، ومع تطوّر حياة الإنسان وتعاقب الحقب الزمنيّة أصبح بإمكان البشر نسج ثيابهم وانتقلوا رويدًا رويدًا إلى أنواع مختلفة من الثياب.[٥]
وفي العصر الحديث بعد الثورة الصناعيّة اختلفت نظرة العالم للثياب وأصبحت أكثر توسّعاً وانتشارًا في العالم؛ حيث ظهرت الفساتين والسراويل والقبّعات، وأصبح البشر يرتدون ثيابهم حسب ثقافاتهم وانتماءاتهم الدينيّة والعرقيّة والثقافيّة.[٥]
الدين والفن
لعلّ الفنّ هو اللغة الّتي عبّر بها البشر عن أفكارهم وخيالهم منذ بدء الخليقة وبواسطته تمكّنوا من توثيق جمال الكون؛ حيث كان الإنسان القديم يستخدم الفنّ في شتّى مجالات حياته، فقد برع في النحت والرسم على الحجارة، وأيضًا في استخدام الألوان واستخلاصها من مصادر طبيعيّة كالجير والصلصال والفحم.[٦]
يتميّز فنّ ما قبل التاريخ بتوثيقه لحياة الإنسان القديم؛ حيث إنّه كان يستخدم النقوش الصخريّة والرسومات الموجودة في الكهوف لصنع الفنّ، ولعلّ أبرز تلك الرسومات وأشهرها موجودة في كهف لاسكو في فرنسا، وأيضًا كان النحت من أهمّ الفنون الّتي طبّقها الإنسان القديم، ولعلّ أبرز تلك المنحوتات تتمثّل في أربع فئات رئيسة:[٧]
- الأجسام البشريّة البدائيّة
لعلّ أفضل مثال لهذا النوع من المنحوتات هو تمثال "امرأة ويليندورف" التي تعدّ من أقدم وأشهر المنحوتات الأثريّة.
- النحت البدائيّ
يشمل العديد من الآثار البدائيّة مثل: نقوش الحيوانات وتماثيل الطينيّة، ولعلّ أشهرها هو تمثال "Venus of Laussel".
- تماثيل فينوس
هي تماثيل تصوّر جسد المرأة بصورة بدائيّة؛ حيث تتميّز أشكال هذه التماثيل بأنّها تمتلك طابعًا دينيًّا خارقة للطبيعة.
- المنحوتات التصويريّة من شخصيّات وحيوانات بشريّة
المنحوتات الخارقة للطبيعة التي تصوّر الكائنات بصورة غير واقعيّة مثل تمثال الرجل الأسد: "Lion Man of Hohlenstein Stadel".
من حيث الأدوات المستخدمة
كان للأدوات أهمّيّة كبيرة في العصر الحجريّ، حيث قام الإنسان بصناعة الشفرات والأدوات الحجريّة من خلال العظام والعاج، كما أنّه استخدم الخشب لصناعة بعض الأدوات البسيطة، منذ ما يقارب 20000 عامًا، تطوّرت صناعة الأدوات لدى البشر فأصبح ينتج الإبر، وبعدها أنتج البشر أدوات معقّدة مثل الرماح والحراب الشائكة.[٨]
تمّ اكتشاف مجموعة قويّة من الأدوات الحجريّة مع "رجل الثلج" الّذي وجد متجمّداً في جبال الألب، حيث إنّه كان يحمل معه قوسًا طويلًا وعلبة جلد أيل، وعصا قرن الوعل الّتي ربّما كان يستخدمها لشحذ شفرات خنجرالصوان الّذي كان بحوزته.[٨]
أمّا بالنسبة للعصر الحديث فقد أصبح هناك نقلة نوعيّة لصناعة الأدوات والعديد من القطاعات الصناعيّة الّتي اختصّت بإنتاج العديد من الأدوات الّتي ساعدت الإنسان في حياته.[٨]
من حيث الثقافة
لعل الثقافة من أهم المعايير الموجودة في المجتمعات البشرية والتي من خلالها يُعبّر البشر عن سلوكهم الاجتماعي؛ حيث إنها نشأت مع البشر وتشكلت حسب أفكارهم ومعتقداتهم، ومن هنا نشأت الفروقات بين الثقافة البدائية للإنسان القديم وبين ثقافة العصر الحديث؛ إذ تأتي معرفتنا بالثقافة البشرية وطريقة العيش في العصر الحجري
من خلال علم الآثار والمقارنات الإثنوغرافية.[٩]
إنّ أثر خطوات الإنسان القديم خلّدتها الأرض كالبصمة الّتي اتّبعها البشر عبر التاريخ والّتي هيّأت السبل لهم لتأسيس المجتمعات ومن هذا المنطلق نشأت العديد من الابتكارات في العصر الحجريّ من أهمّها اللغة حيث يشير العلماء إلى أنّ استخدام الإنسان للّغة كان مبكّراً وذلك بسبب اجتيازهم وتنقّلهم في مساحات شاسعة من الأرض.[٩]
وخلال رحلاتهم أنشأوا المستوطنات والمجتمعات والثقافات المختلفة، وقد تكون هذه الأمور مستحيلة دون وجود اللغة، وسعى العلماء إلى اكتشاف أصل اللغة ومصدرها نظرًا لأهمّيّتها في بناء المجتمعات وقدرتها على تشكيل ثقافات الشعوب، ومن هنا تشكلت الثقافة عبر التاريخ وتعددت محاورها، ومع زيادة أعداد البشر على الكوكب تطوّرت الثقافة وانتشرت في جميع بقاع الأرض في عصرنا الحالي.[٩]
من حيث الحياة الاقتصادية
إنّ الاقتصاد في العصور القديمة -تحديدًا في العصر الحجريّ- بصورته النموذجيّة اعتمد على الصيد والجمع؛ حيث كان البشر يعتمدون على الصيد للحصول على غذائهم ويجمعون الحطب والثمار والموادّ الأخرى من الطبيعة لإشباع احتياجاتهم، ومن أجل ضمان نظام غذائيّ كاف لمجتمعات البشر في العصر الحجريّ اعتمد الإنسان القديم على الزراعة وصيد الأسماك وتدجين الحيوانات.[١٠]
وبناء على ذلك بدأ الإنسان في التلاعب في الأنظمة بعدّة طرق خوفًا من التقلّبات البيئيّة الّتي من الممكن أن تؤثّر على مصدر غذائيّ مهمّ وتتسبّب في تلاشيه؛ لذلك لجأ الإنسان القديم آنذاك إلى الصيد والتجميع بالتناوب، ومع التطوّر والهجرة أصبح التكييف مع البيئات الجديدة إجباريّاً.[١٠]
إنّ إدراكنا لحقيقة الكون إلى يومنا هذا لم تبلغ من بحر الحقيقة إلا قطرة ومن بستانها إلا زهرة، فليس بعجيب أن يتعاون العلماء جميعًا لملاحقة أطراف خيوط التاريخ وإيضاح سرّ الكون وبدء الخليقة، كان التنقيب عن آثار الإنسان هو الوسيلة الّتي مكّنتنا من كتابة صفحات التاريخ وفكّ شيفرات الماضي والعيش مع القدماء ومعرفة تفاصيل حياتهم.[١١]
المراجع[+]
- ^ أ ب ابن كثير، كتاب البداية والنهاية، صفحة 1.
- ↑ احمد امين سليم، العصور الحجرية وما قبل الأسرات فى مصر والشرق الأدنى القديم، صفحة 1.
- ↑ "الفرق بين نمط الحياة الماضي والحاضر"، الفرق بين، اطّلع عليه بتاريخ 3/9/2021.
- ^ أ ب ت ث مجموعة من العلماء والباحثين، الموسوعة العربية العالمية، صفحة 200. بتصرّف.
- ^ أ ب "Difference Between Past and Present Lifestyle", Difference between.
- ↑ مجموعة من العلماء والباحثين، الموسوعة العربية العالمية، صفحة 205. بتصرّف.
- ↑ "Stone Age Art", visual arts cork.
- ^ أ ب ت "تكنولوجيا وثقافة وفن العصر الحجري القديم"، اكاديمية خان، اطّلع عليه بتاريخ 3/9/2021.
- ^ أ ب ت "تكنولوجيا وثقافة وفن العصر الحجري القديم"، اكاديمية خان، اطّلع عليه بتاريخ 3/9/2021.
- ^ أ ب "مجتمعات العصر الحجري القديم"، اكاديمية خان، اطّلع عليه بتاريخ 3/9/2021.
- ↑ عبدالله حسين، تاريخ ما قبل التاريخ، صفحة 11.