حكم مشاهدة الأفلام الإباحية

حكم مشاهدة الأفلام الإباحية


حكم-مشاهدة-الأفلام-الإباحية/

هل مشاهدة الأفلام الإباحية حرام؟

إنّ مشاهدة الأفلام الإباحية واحدة من الذنوب التي قد يقع فيها الإنسان ويُدم عليها، ولا بدَّ من الابتعاد عنها والتوبة منها، ومشاهدة الأفلام الإباحية حرام شرعًا بإجماع العلماء، قال تعالى في سورة النور: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ ۗ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)،[١]إذًا فهي محرمة بنص القرآن الكريم الآمر بغض البصر عن المحرمات -كما في الآية السابقة-،[٢] والإنسانُ مسؤولٌ عن جوارحه فالعين تزني كما الجسد وزنا العين هو النظر إلى المنكرات التي حرمها الله تعالى.[٣]


حكم مشاهدة الأفلام الإباحية بحجة الضرورة

قد يلجأ بعض الشباب إلى مشاهدة الأفلام الإباحية درءًا وابتعادًا عن الوقوع في معصية أكبر كما يظن، فقد يحتجّ بعض الشباب أنَّ الزواج متعذّرٌ؛ لصعوبة تأمين التكاليف اللازمة للزواج، فيلجأ بعض الشباب المسلم إلى مشاهدة الأفلام الإباحيَّة للتخلص من الكبت الجنسي الذي يعانونه، وهذا فعل محرّم باتفاق؛ فالأفلام الإباحية ليست دواءً للثوران الجنسي أبدًا، بل قد تكون هي المسبب الأول له.[٤]

وعلى من أدمن مشاهدة الأفلام الجنسية أن يتوب توبة صادقةً إلى الله، ومن ثَمّ اللجوء إلى الأعمال الصالحة مثل الصلاة والصدقة والصوم؛ عسى الله أن يوسع عليه، ويرشده في أمره، ويستحضر خشية الله في قلبه؛ فقد روى عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فإنَّه أغَضُّ لِلْبَصَرِ وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ، فإنَّه له وِجَاءٌ).[٥][٤]

ومن الأمور التي قد يتوهّم الرجل أو المرأة أنّها ذريعة لمشاهدة الأفلام الإباحية: إعادة التوهج للعلاقة الزوجية بينه وبين زوجه، فيعمد إلى مشاهدة تلك الأفلام، وفي ذلك إثمٌ عظيمٌ وتتبعٌ لخطوات الشيطان، فمشاهدة العورات وكشفها أمرٌ خطير ومحرمٌ إلا في حالة الضرورة كالتداوي مثلًا، ولا يُعتبر تقوية العلاقة الجنسية بين الزوجين ضرورةً، بل يمكن معالجة ذلك عن طريق استشارة طبية أو نفسية، أو محاولة التجديد في العلاقة بما أحله الله تعالى من الطرق المشروعة،[٦] وعليه فإنّ حكم مشاهدة الأفلام الإباحية للعزباء أو الأعزب أو للمتزوجين حرامٌ ولا تحلها ضرورةٌ.


حكم مشاهدة الأفلام الإباحية لغرض التعلّم

إنَّ غضَّ البصر واجبٌ على كل مسلم ومسلمة، وهو من أخلاق المسلم؛ فلا يجوز النظر إلى عورات الآخرين إلا في حالات العلاج والتداوي بشروط وضوابط، وأمَّا دعوى التعلم الجنسي عن طريق المقاطع فهي حجة واهية، وتتبع لخطوات الشيطان وأهل المعاصي والفجور، وقد روي في ذلك عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (لتتَّبعُنَّ سَننَ من كانَ قبلَكُم شبرًا بشبرِ، وذراعًا بذراعِ حتَّى لَو دخلوا جُحرَ ضبٍّ لسلكتموه. قالوا: يا رسولَ اللهِ مَن اليَهودُ والنَّصارى؟ قالَ فمَن إذًا؟!).[٧][٨]

ومن أراد التعلم حقيقةً فإنَّه يستطيع أن يجد ضالَّته في الكتب العلمية؛ فهناك الكثير من الكتب التي تطرقت إلى ذلك، ولينصرف عن مشاهدة الصور الخليعة والمناظر القبيحة التي تفسد العقل والنفس والإيمان، فلو دخلت هذه المقاطع وهذه الأفلام إلى بيت المسلم لأفسدت فيه أي مفسدة.[٨]


حكم مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان

رمضان هو شهر العبادة والتوبة من الذنوب، وصحيحٌ أنّ الأفلام الإباحية محرمةٌ في كل وقت، إلا أنّها مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان أشدّ حرمةً؛ لأنَّ الأصل في المسلم أن يتوب إلى ربه في تلك الأيَّام الفضيلة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)،[٩]والواجب هو الإقلاع عن ذلك الذنب والعودة إلى الله تبارك وتعالى، وإظهار التوبة الصادقة في الابتعاد عن تلك المقاطع والأفلام والاستغفار وعدم العودة إليها بإذن الله.[١٠]

وأما حكم صيام من شاهد أفلام إباحية هل يفسد صيامه أم لا؟ فلو خرج مني أثناء مشاهدة الأفلام الإباحية؛ فالصيام باطلٌ ويلزم صيام يومٍ آخر غيره؛ أي: قضاء ذلك اليوم، وأمَّا لو لم يخرج مني، وخرج المذي في أثناء الصيام فاختلف العلماء، منهم من قال إنَّه يفسد الصيام، ومنهم من قال بعدم فساده، ولكنْ من الممكن الخروج من الخلاف بصيام يومٍ آخر احتياطًا، وأمَّا لو لم يخرج شيء من الصائم فلا يفسد الصيام، ولكن يُخشى ذهاب أجر الصيام وثوابه.[١٠]


هل مشاهدة الأفلام الإباحية تُبطل الصلاة 40 يومًا؟

إنَّ مشاهدة الأفلام الإباحية من المحرمات ولا اختلاف في ذلك وهي معصيةٌ من المعاصي، وقد يكون المذنب مصليًا، ولا يقطع صلاته؛ فهل مشاهدة الأفلام الإباحية تُبطل الصلاة؟ قال أهل العلم إنّها -أي مشاهدة الأفلام الإباحية- لا تُبطل الصلاة، وتبقى الصلاة صحيحة من حيث حكمها وأدائها.[١١]


هل مشاهدة الأفلام الإباحية تبطل الوضوء؟

إنَّ مشاهدة الأفلام الإباحية تثير الشهوة، وقد ينتج عن مشاهدتها نزول المذي أو المني؛ فلو تسبّبت مشاهدة الأفلام الإباحية في نزول المذي، فعليه أن يتوضأ؛ لأنَّ المذي ينقض الوضوء، أمَّا لو تسبّبت مشاهدة الأفلام الإباحية بنزول المني؛ فلا يكفيه الوضوء في هذه الحالة، بل يجب عليه أن يغتسل.[١٢]


هل مشاهدة الأفلام الإباحية من الكبائر؟

إنَّ مشاهدة الأفلام الإباحية ذنبٌ عظيم وإثمٌ كبير لكنها ليست من الكبائر بوجه عام، ولكنّ إصرار المسلم على مشاهدتها مع العلم أنَّها من المحرمات؛ فإنّه قد ينقلها إلى درجة الكبائر؛ لأنَّه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، وبيان إصراره أنَّه شاهدها مرَّاتٍ عدة بخلاف من شاهدها لمرةٍ واحدةٍ أو دون إصرار وتكرار، فيكون ذنبه بذلك من الكبائر؛ لأنَّه أصرَّ على مخالفة أمر الله تعالى.[١٣]

وذهب بعض أهل العلم إلى أنَّه ليس في الذنوب صغيرة، بل كل الذنوب كبيرة، وإنّما يقال لذلك الذنب أكبر من ذاك بالمقارنة بينهما، وذكر ابن عباس أنَّ كل ما يقال عنه معصية فهو كبيرة والظاهر عند بعض أهل العلم أنَّ مشاهدة الأفلام الإباحية من الكبائر لما قرره أهل العلم من أنَّ إطلاق النظر إلى المرأة الأجنبية بغرض الشهوة عند الخوف من الفتنة يعد كبيرة، فإذا كان النظر في الأجنبية كبيرة من الكبائر، فإنَّ النظر إلى المقاطع الإباحية أولى بذلك.[١٤]


حكم رؤية المحرّمات دون قصد؟

إذا وقع نظر المسلم من غير قصد منه على شيء من المحرمات أو العورات أو ما لا يحل له النظر إليه؛ فإنّه لا شيء عليه، ولا يكون آثمًا، لكن عليه أن يصرف نظره عنه، ولا يُكرر النظر إليه؛ فقد رُوي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال: (يا عليُّ لا تُتبعِ النَّظرةَ النَّظرةَ ، فإنَّ لَكَ الأولى وليسَت لَكَ الآخرَةُ).[١٥][١٦]


أضرار مشاهدة الأفلام الإباحية وعواقبها

إنّ لمشاهدة الأفلام الإباحية عواقب وأضرار كبيرة؛ فيما يأتي ذكر لجملةٍ من هذه الأضرار:[١٧]

  • مشاهدة الأفلام الإباحية تُقسي القلب، وتميت فيه حلاوة الإيمان والرغبة في الحلال.
  • اعتياد مشاهدة الأفلام الإباحية قد يدفع إلى ارتكاب الفاحشة؛ حيث يتوق الذي يُشاهدها إلى تطبيق ما يشاهده في تلك الأفلام الخليعة.
  • قد تؤثر مشاهدة الأفلام الإباحية بشكلٍ كبيرٍ على نفسية الشخص الذي يعكف على تلك الأفلام؛ فيصبح كئيبًا شارد الذهن بعيد الفكر، ويخسر توقّده ونشاطه في حياته العملية.


عقوبة مشاهدة الأفلام الإباحية

لم يرد نصّ صريحٌ في عقوبة مشاهدة المحرمات -بما في ذلك الأفلام الإباحية-، ولكن من عكف على مشاهدة تلك الأفلام؛ فهو مرتكبٌ لإثم عظيم، ولا بدَّ من التوبة من ذلك توبةً صادقةً؛ حتى لا يستحق العبد بفعله هذا غضب الله عليه، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ ۚ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}،[١٨] ومن يتُب من ذنبه يتُب الله عليه، ويكُن كمن لا ذنب له.[١٩]


كيف يمكن التخلص من مشاهدة الأفلام الإباحية؟

للتخلص من مشاهدة الأفلام الإباحية يمكن اتباع العديد من الخطوات، بعد النية الصادقة والاستعانة بالله تعالى، ومن خطوات التخلص من مشاهدة الأفلام الإباحية:[٢٠]

  • الإقلاع عن الذنب والابتعاد عن أسبابه، مع الندم الشديد على الفعل القبيح الذي ارتكبه.
  • عقد العزم على عدم العودة إلى الذنب أبدًا، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يعيده إلى الذنب، أو يُذكّره به.
  • الاعتصام بحبل الله والتمسك فيه، ومواصلة الدعاء لله تعالى أن يعينه على الثبات.
  • الابتعاد عن رفاق السوء الذين من شأنهم أن يعيدوا التائب إلى ذنبه، أو أن يقوموا بمعايرته بذنبه أو تذكيره به.
  • إشغال الوقت بذكر الله تعالى والتسبيح والتكثيف من العبادات والأنشطة المباحة النافعة.

المراجع[+]

  1. سورة النور، آية:30
  2. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 346. بتصرّف.
  3. مجموعة من المؤلفين، فتاوى واستشارات الإسلام اليوم، صفحة 243. بتصرّف.
  4. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 502. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن مسعود، الصفحة أو الرقم:5066، حديث صحيح.
  6. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3419. بتصرّف.
  7. رواه الألباني، في تخريج كتاب السنة، عن أبي سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:74، إسناده صحيح.
  8. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3799. بتصرّف.
  9. سورة البقرة، آية:183
  10. ^ أ ب مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 607. بتصرّف.
  11. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3508. بتصرّف.
  12. عبد العزيز بن عبد الله الراجحي، شرح سنن النسائي، صفحة 5. بتصرّف.
  13. محمد صالح المنجد، موقع الإسلام سؤال وجواب، صفحة 1643. بتصرّف.
  14. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 4078. بتصرّف.
  15. رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:2149، حسنه الألباني.
  16. "هل يأثم من رأى مناظر إباحية دون قصد؟"، إسلام ويب، 2/8/2001، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2024. بتصرّف.
  17. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 559. بتصرّف.
  18. سورة الزمر، آية:53
  19. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 3734. بتصرّف.
  20. مجموعة من المؤلفين، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 192. بتصرّف.

brief ملخص المقال

إنّ مشاهدة الأفلام الإباحية حرام شرعًا بإجماع العلماء، وهي من الذنوب التي يجب التوبة منها، ولا تجوز مشاهدتها بحجة الضرورة أو التعلم، وهي حرامٌ في كل ظرف ووقتٍ لكنّ حرمتها وعظم إثمها يزداد في شهر رمضان، ومشاهدة الأفلام الإباحية لا تبطل الصلاة لكنها تبطل الوضوء إذا نزل المذي، وتوجب الغسل إذا نزل بسبب مشاهدتها المني، وبوجهٍ عام؛ فإنّ مشاهدة الأفلام الإباحية ليست من الكبائر إلا إذا أصر المسلم على مشاهدتها، لمشاهدة الأفلام الإباحية أضرار، منها: قسوة القلب، ودفع الشخص لارتكاب الفاحشة، والتأثير سلبًا على نفسيته وتركيزه، وللتخلص من مشاهدة الأفلام الإباحية؛ فلا بد من التوبة الصادقة، والابتعاد عن الأسباب التي تدفع لمشاهدتها أو تُذكّر بها، والمداومة على ذكر الله وفعل الطاعات وإشغال الوقت بالأعمال النافعة.

brief

faqأسئلة شائعة

  • إنّ مشاهدة الأفلام الإباحية حرامٌ للمتزوجين وللعزّاب رجالًا أو نساءً؛ لأنّ فيها نظرٌ إلى حرامٌ وكشف للعورات.

  • إنّ مشاهدة الأفلام الإباحية حرامٌ على كل حال، فإن شاهدها المسلم ضعفًا، فاستغفر بعد ذلك وتاب إلى الله تعالى؛ فإنّ الله تعالى يقبل توبة عبده الصادقة ويغفر لمن استغفره نادمًا على ذنبه، أما من كان يُصر على مشاهدة الأفلام الإباحية مستسهلًا أنّه سيفعل ذلك ثم يستغفر؛ فهذا استخفافٌ من المسلم بالمعاصي واستهانة بها، وهو مفتقر إلى شروط الاستغفار والتوبة التي تستلزم الندم على الذنب والعزم على عدم الرجوع إليه.

  • إنّ مشاهدة الأفلام الإباحية لا تجوز في أي حالٍ من الأحوال ولأي سبب كان؛ فهي محرّمةٌ بشكل قاطع، ولا تجوز لا للضرورة ولا لأي ظرف؛ لأنّ فيها كشفًا للعورات ونظرًا للمحرمات، وتترتب عليها أضرار وفواحش عظيمة.