رسائل حب وغرام

الحب سر الحياة ومنبع السعادة فيها، لولاه لم يوجد بها ودونه لن يستمر، وله سنكتب رسائلنا بالدمع والدم حين يجف المداد.

عيون الحبيبة حضن كثير الخبايا ننام به بالتفاتة طرف يقص الحكايا ويروي أحاديث عشق طويل طويل يمد ظلال حضوره إلى ما بعد المنايا.
يا حبيبي تعال لننبت عشبًا هنا ونورق غصنًا طريًّا هناك فقلبي من الشوق جف وصار يباسًا وسقياه أنت وفيك غضاضة عمري العجوز ومعك يعود العمر صبيًا ودونك يغدو حزينًا شقيًا.
لقد حط هذا الحب عصفورًا على قلبي، ودقّ على باب روحي فأشرعت باب الدخول وفتحت ذراعيها لتعانق كل هذه الطمأنينة التي لم تكن لتعرفها لولاك أنت.

وإنّك قبل الحب تدرك نبضات قلبك بالسماعة الطبية وتخطيط القلب والتحاليل التي تثبت أن عضلة إلى يسار صدرك تضخ الدم، أمّا بعد الحب فإنك تدرك قلبك بانفراج ثغرك حين ترى المحبوب مقبلًا عليك وبعبوسك في إدباره عنك وباكتناز الدم في وجهك حين ترتبك في حضرته وبرجفة يديك لخصام بينكما، فإن القلب في الحب لا يضخ الدم فقط بل يزرع روحًا داخل روح وحياة داخل حياة.
إن قلبي قبلك يا حبيبي كان قلبًا لا حياة فيه، وإن كنت أبدو على قيد الحياة، فإنّ الحياة قلوب تشتاق وعيون تروي الأساطير بصمت وأياد تتشابك إلى غير افتراق.

يا لسحر هذا الحب وبهائه حيثما أمطر أزهر، وإن غاب أشاب، ومنه بهجة الدنيا ونور القلوب وبريق العيون ودفء الأيدي، إذا استحكم فنهر جار لا ينقطع وسماء لا يحدها حد يوسع الصدر لما قد ضاق عنه ويعمي العيون عما أساءها.
وحين تحب أحدهم ستحبه لكل شيء فيه، ذلك أن الحب لا يحدث لسبب بل هو السبب الذي يحدث له كل شيء وهو العلة الأولى لكل داء ومنه الشفاء وبه الدواء.
أحبك يا حبيبي وأهيم به وأحس أني أحب نفسي فيك وأدللها في تدليلك، فأنا وأنت معًا قد صرنا شخصًا فإذا ناديتك يرد الجواب في صدري وحين أشتاقك أجدك تمشي في عروقي.

لو تعلم كم أحبك وكم أشتاق لك لما فكرت يومًا في الابتعاد عني ولا غامرت بكل هذا الحب الكبير الذي يجمعنا، تعال يا حبيبي فأنا بيتك وملاذك الأخير.
كم جميل هذا الغرام الذي بيننا، ها هي الشمس تشرق من جديد وها هو القمر اكتمل وصار بدرًا، لقد استقرت دورة الأرض على فصل الربيع فأنبتنا ورودًا.
كأن عيوني ليست هي وكأن يدي ليستا كما أعرفهما، وهذا القلب كأني به لم يكن في صدري قبل الآن، وكأني أنا لم أكن أنا قبل أن أحبك.
شبابيك قلبي على موعد مع حبيب يطل على روحي ويزرع وردة في حديقته ويسقي زرعه كل صباح بنظرة دافئة ولمسة حانية وكلمة تورق يباس هذا القلب.

أنا لك يا حبيبي إلى أن تغيب الشمس إلى غير عودة وإلى أن تكف الأرض عن الدوران وحتى يغيب القمر غيبته الأخيرة، سأظل أحبك حتى أموت وحين أموت سيلحق بي طيف حبك حتى أوارى الثرى وينام معي في مضجعي الأخير.
لماذا تكابر يا حبيبي وهذا البريق في عينيك يضيء الكون ويفضح نار فؤادك ويذيب ثلج يديك الخائفتين فامددهما وأمسك يدي إلى غير افتراق لنصير معًا أجمل العشاق.
لقد أضاء حبك ظلمة أيامي وأشعل الموقد في حجرات قلبي البارد، حتى أشعلت قناديل روحي فصرت أضيء الممرات حيث أمشي وأكسر برد الشتاء حيث أحل، فصرت بطلًا لأسطورة حب كتبتها أنت.

هل أتاك يا حبيبي حديث الغرام الذي باحت به عيناي؟ وهل تناهى إلى سمعك تغريد قلبي الذي يحوم حولك كأنك عشه ومأواه؟ وهل وصلك لهيب الشوق الذي يحرق أضلعي كموقد الشتاء؟
هنا يدي تلف روحك بالنعيم وترتفع إلى السماء لأدعو الله لك بالسعادة والهناء ما حييت، وهنا قلبي يدق إيذانًا بحبّ لا انتهاء له وهنا أحملك وأحميك من تقلبات الزمان وتغير الأمزجة لتصبح قدرًا لا شيء يغير مكانه في قلبي.
يا مبتدأ البهجة ومنتهاها، يا زهرة الهناء التي تكبر في قلبي كل يوم، ويا ياسمينة عرشت على نوافذ روحي ولفتها بالجمال، أحبك حتى ينفد الحب وحتى يجف ماء القلب.

يا حبيبي تعال وقاسمني خبز روحي وارشف ماء قلبي المغرم هنيئًا مريئًا فإني أرى جوع روحك وأحس عطشها لهذا العشق البهي السخي بكل الهناءات والأطايب، تعال لنسهر معًا تعال نعد النجوم والكواكب.
حلّت ليالي السعد بعد طول العناء، وطوت طريق الحزن والشقاء، وصارت عيناي ديوان شعر بلا شعراء، يحكي قصائد حب ووفاء.
لقد أنعم الله علي بحب كبير، وساقك يا روحي إلى عرش قلبي كسوق الأمير، وأعطاك حكم الهناء وقلدك أمر القضاء فصرت به آمرًا ناهيًا بكلّ كبير وصغير.

التقيتك إذًا فماذا من الدنيا أريد وماذا عساي من الله أرجو وقد منّ عليّ بكل العطايا بصورة هذا الحبيب الجميل الذي أطفأ الحزن في عيوني وأشعل بدلًا منها مصابيح فرح كبير.
الناس يحصون النجوم في السماء وأنا أعدّ تفاصيل سحرك كلّ ليلة فأراها تزداد واحدة كل يوم، كأنّك تشرب ماء الحياة وتأكل زاد الملائكة في الأرض والسماء.

افتح ذراعيك يا حبيبي فعندي هدايا وغرام كبير، وامدد يدي قلبك وتزوّد وخل الأكف جناحًا يطير، فخير القلوب قلوب تحب وحين تحب تصير كالعصافير.
هذا الغرام مصير خطير، تقدر لي أن أعيش به وأموت به وأظل أسير إلى آخر الدرب مهما يصير، فأنت معي يا حبيبي ولا أخشى شيئًا بحضرة هذا الحب الكبير، فكيف لنا أن نخاف ونحن ننام بحضن الطمأنينة وعلى جناح الأمان نطير.

مواضيع ذات صلة بـ : رسائل حب وغرام