مبطلات صيام التطوع

مبطلات صيام التطوع
مبطلات صيام التطوع

مبطلات صيام التطوع

إن الحديث عن مبطلات الصيام بشكل عام حديث واحد؛ لا يختلف بين صوم يوم رمضان أو غير رمضان؛ فالأمور التي تسبب الإفطار في نهار رمضان لا شكَّ في أنَّها مبطلةٌ للصيام في النوافل أيضًا؛ فمن أكل أو شرب عامداً في نهار الصيام سواء كان صائمًا في رمضان أو كان في صيام التطوع فهو مفطر، وكذلك من شرب الدخان، ومن قام بإنزال شهوته بإرادته أو من جامع زوجته.[١]

والاختلاف الوحيد بين صيام التطوع، وصيام الفرض هو الكفارة والقضاء؛ فالصائم المتطوع إذا أفطر في نهار الصيام لا كفارة عليه؛ مهما كان سبب إفطاره عظيمًا، أي حتَّى لو وقع بزوجته في نهار الصيام فلا كفارة عليه، ولا قضاء أيضًا، وقد استدلَّ العلماء في هذا الحكم على حديث رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- الذي قال فيه: (الصائِمُ الْمُتطَوِّعُ أمَيرُ نفسِهِ؛ إنْ شاءَ صامَ، وإِنْ شاءَ أفْطَرَ).[٢][١]

ولكن ابن قدامة رأى خلاف ذلك؛ إذ يقول في كتابه المغني: "من دخل في صيام تطوُّع استحبَّ له إتمامهُ ولم يجبْ، فإنْ خَرَجَ منهُ فلا قضاءَ عليه"، ومن هنا تجدر الإشارة إلى أنَّ بعض العلماء يرون أن صيام التطوع يصبح واجبًا؛ إذا نوى الإنسان وشرع في الصيام؛ فإذا أفطر عليه قضاء هذا اليوم وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة، والإمام مالك، والله أعلم.[١]

ما هو صيام التطوع

هو أن يصوم الإنسان أيامًا غير مفروضة عليه؛ أي أن يتطوع بالصيام لوجه الله -تعالى- في غير الفريضة؛ وهو شهر رمضان فقط، وصيام التطوع سنة من السنن العظيمة التي حثَّ عليها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فيثاب فاعلها، ولا ذنب على من لم يلتزم بها.[٣]

وقد حثَّتِ السنة النبوية المباركة على الصيام بشكل عام؛ فقد قال رسول الله لأبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-: (عليك بالصَّومِ فإنَّه لا عدلَ لَه)،[٤]وكما دلَّت أحاديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- على أنَّ أفضل الصوم هو صوم نبيِّ الله داود -عليه السلام-؛ الذي كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، قال رسول الله لعبد الله بن عمرو: (فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ نَبِيِّ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- فإنَّه كانَ أَعْبَدَ النَّاسِ، قالَ: قُلتُ: يا نَبِيَّ اللهِ، وَما صَوْمُ دَاوُدَ؟ قالَ: كانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا).[٥][٣]

أيام صيام التطوع

ومن الجدير بالذكر عند الحديث عن صيام التطوع؛ الإشارة إلى أنّ الإسلام حدد بعض أيام التطوع؛ والتي لها فضل خاصٌّ دون سائر الأيام، كصيام يومي الاثنين والخميس من كلِّ أسبوع، وصيام ثلاثة أيام من كلِّ شهر وهي الأيام البيض، وصيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، وغيرها.[٣]

وفيما يأتي بعض الأحاديث النبوية الواردة في ذلك:[٦]

  • يوم عرفة

ثبت عن أبي قتادة الأنصاري أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في الحديث: (ثَلَاثٌ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إلى رَمَضَانَ، فَهذا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ).[٧]

  • يوم عاشوراء

وعن أبي قتادة الأنصاري أنَّ رسول الله قال عندما سُئل عن صيام عاشوراء: (يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ).[٨]

  • ستة أيام من شوال

عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله قال: (مَن صامَ رَمَضانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِن شَوَّالٍ، كانَ كَصِيامِ الدَّهْرِ).[٩]

  • شهر محرم

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله قال: (أَفْضَلُ الصِّيامِ، بَعْدَ رَمَضانَ، شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وأَفْضَلُ الصَّلاةِ، بَعْدَ الفَرِيضَةِ، صَلاةُ اللَّيْلِ).[١٠]

  • شهر شعبان

ثبت عن السيدة عائشة أم المؤمنين أنَّها قالت عن رسول الله: (لَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِن شَهْرٍ قَطُّ، أَكْثَرَ مِن صِيَامِهِ مِن شَعْبَانَ؛ كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إلَّا قَلِيلًا).[١١]

أحاديث عن فضل الصيام في الإسلام

شرَّع الله -تعالى- الصيام، وفرضه على الناس، وجعله عملًا من الأعمال التي تُقرِّب العباد منه، وتكسبهم مرضاته ورحمته وثوابه، وقد ظهر فضل الصيام في الإسلام واضحًا جليًّا في أحاديث كثيرة من السنة النبوية المباركة؛ أحاديث حضَّت المسلمين على الصيام وبيَّنت لهم أجره، وأهميته، وفضله، وفيما يأتي عدد من هذه الأحاديث:[١٢]

  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله قال: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعفُ؛ الحسنةُ بعشرِ أمثالِها، إلى سَبْعِمائةِ ضِعفٍ، قال اللهُ تعالى: إِلَّا الصَّوْمَ؛ فإنَّه لِي، وأنا أجزي به، يَدَعُ شهوتَه وطعامَه من أجلِي، وللصائمِ فرْحتانِ: فرحةٌ عند فِطرِه، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّه، ولَخَلُوفُ فمِ الصائمِ، أطيبُ عند اللهِ من ريحِ المِسكِ).[١٣]
  • عن أبي هريرة أنَّ رسول الله قال: (مَن صامَ رَمَضانَ إيمانًا واحْتِسابًا؛ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ).[١٤]
  • عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله قال: (إنَّ للصائمِ عندَ فطرِه لدعوةٌ مستجابةٌ).[١٥]

المراجع[+]

  1. ^ أ ب ت "مذاهب العلماء في إفساد صوم التطوع"، www.islamweb.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-05-2019. بتصرّف.
  2. رواه الإمام أحمد، في المسند، عن أم هانئ بنت أبي طالب، الصفحة أو الرقم:35، صحيح.
  3. ^ أ ب ت "صوم التطوع والأيام التي يستحب صيامها"، www.binbaz.org.sa، اطّلع عليه بتاريخ 15-05-2019. بتصرّف.
  4. رواه النسائي، في سنن النسائي، عن أبي أمامة الباهلي، الصفحة أو الرقم:2222، صحيح.
  5. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم: 1159، صحيح.
  6. "الأيام التي يشرع فيها صيام النافلة"، www.islamqa.info، اطّلع عليه بتاريخ 15-05-2019. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي قتادة الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1162، صحيح.
  9. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي أيوب الأنصاري، الصفحة أو الرقم: 1164، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1163، صحيح.
  11. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1156، صحيح.
  12. "فضائل الصيام وأسراره، وخصائص رمضان"، www.alukah.net، اطّلع عليه بتاريخ 15-05-2019. بتصرّف.
  13. رواه ابن ماجه، في ابن ماجه، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 3096، صحيح.
  14. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 2014، صحيح.
  15. رواه محمد جار الله الصعدي ، في النوافح العطرة، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 76، صحيح.